الوحدةُ سياحةُ الذكرياتْ، تجوبُ فيها أروقةَ ما فاتْ، وتعرّجُ على غيمِ ما هو آتْ. فهي جلاءٌ للقلب وصفاءٌ للراسْ، ووقتٌ للمراجعةِ والحسابِ والقياسْ، ومعَ ذلكَ، يا أخي، إنْ طالتِ الوحدةُ صارتْ همَّا، وإن أزمنَتْ أعقبتْ حُمّى، لا تنقطعُ بغيرِ مُعاشرةِ الخِلّانْ، واحتساءِ القهوةِ في أقربِ ديوانْ، ويا حبّذا لو كان ديوانَ نسوانْ! فكلّ همّ لديك لا بدّ يذوبْ، وسْطَ امرأةٍ تُرغي وأخرى تَلوبْ، وثالثةٍ تنقلُ أخبارَ الحارَه، وما قالَه الجارُ للجارَه، ورابعةٍ تفتحُ لكَ الفنجانْ، (وتفتحُ معَه راسَك كمانْ!) تتفلُ فيهِ وتمسحُه بالبنانْ، وتُسمّي وتتأمّلُ كي يبانْ، حظُّك أو تعسُك بإذنِ الحَنّانْ:
- بختك يا بْنيّ مبخوتْ، ومكتوبْ عورقِ التوتْ!
- خير إن شاء الله يا أمّ شكري، ماذا ترَينَ أريحي فكري!
- شايف السمكِه؟! السمكِه برَكِه، رزقة في طريقها إليكْ، فافتح لها ساعديْكْ، وامددْ لها كفّيكْ، وتشبّث بكلتا يديكْ... قل ان شالله فيفرجَها الرحمنْ!
- إن شاء الله! (قلتُها وأنا يأسانْ! فعهدي بهذه المرأة، والظنّ من الشيطانْ، أنّها كلّما قالت: "رِزْقَه!"، فرغ الجَزدانْ!)
لا تتململْ صديقي العَجولْ! فما جئتُ بهذا التمهيدِ إلّا لأقولْ: الوحدةُ إن طالتْ تتعبِ الراسْ، وتتعسِ الإحساسْ، وتستحضرِ الوسواسَ الخنّاسْ، الذي لا ينفكّ ينخرُ دارَ تفاؤلِك حتّى تنهارْ، ولا ينثني عن إشعالِ فتيلِ شكِّك حتّى تحتارْ، وقد علمتَ أنّ الجنّةَ بغيرِ ناسْ لا تُداسْ، وإن كانَ بعضُهم مجبولًا بماءِ ناسْ، وجلُّهم أقربَ إلى النسناسْ... فعشرةُ البشرْ، حُكمٌ من القدرْ، لذلك أعترفُ بأنّي وسطَ أنواءِ الوحدةِ المهتاجَه، وغيابِ أمّ شكري لحاجَه، صرتُ أمامَ الكآبةِ دجاجَه! فقلْتُ: أذهبُ لأبيضَ في قنٍّ جديدْ، وليسَ سوى قِنّ أبي الوليدْ!
أبو الوليدِ زميلٌ قديمٌ من زمن الجامعَه، درسْنا الإرشادَ معًا وقضيتُ سنينَ معَه، وكان تعلّمُه اضطرارًا لا عن طيبِ خاطرْ، إدراكًا أنّ الشهادةَ وسيطٌ شاطرْ، بينَه وبينَ عروسِ المستقبلْ، فالشهادةُ "شفيعُ العريسِ وإن كانَ أهبلْ"! هذا ما ردّدَه على مسمعي، ولولا خفّةُ دمِه ما قبلتُه معي، خاصّة وهو يحسبُ نفسَه وريثَ الأصمعي، بل هو الشاعرُ المفلِقُ الألمعي! حقيقةً فكلّما استشعرَ سالتْ أدمُعي، لا تأثّرًا بما قيلَ أوِ انفعالْ، بل ضحكًا وانتشاءً وانسطالْ! ولأبي الوليد أمام بيته دكّانْ، يبيع فيه النراجيلَ والدّخانْ، أغنى منه وأترفَ وطارْ، فعلى المجانينِ رزقُ الشطّارْ!
- صباحُك فلٌّ أبا الوليدْ!
- أهلا... صباحُك بهجةُ عيدْ (حيّاني مبسوطا مرِحا، وعانقني فقبّلْنا اللّحى)
- تفضّل حبيبنا شرّفتَ الدارْ، وهلّتْ علينا الأنوارْ، وين هالغيبه يا بن الحلالْ؟!
- مشاغل ولكن دائما في البالْ! (وأحضرَ مقعدا فجلسْنا في ساحةِ الدارْ، لنستمتعَ معًا بشمسِ آذارْ، وبعدَ سؤالٍ عن الحالْ، وعن صحّةِ الأهل والعيالْ، نظرَ حولَه ثمّ مالْ، إليّ كمن يخفي جريمَه، أو كمنْ في فيه دررٌ يتيمَه، وهمسَ في أذني وعيناهُ تجولانِ في الساحَه:
- وحياةِ ربِّك تفتح لي بقلبك مساحَه، وتسمع قصيدةً لي جديدَه، ألّفتُها وما نشرتُها في جريدَه، وقلتُ: صديقي أولى بالمعروفْ، وهو بحبِّ الشعرِ والنقدِ معروفْ، هو من أنتقيهْ، ولا بدّ ألتقيهْ، لأنشدَ أمامَه هذا الإبداعْ، وما نقلَ عن فكري هذا اليراعْ، فيشيرَ عليّ بما وجبَ العملْ، كي يُفرزَ للناسِ هذا العسلْ! فواللهِ إنّه جديرٌ بالإعجابْ، ما جاء مثلُه في كتابْ...
(أوقفتُه قبلَ أن يمعنَ في الإسهابْ، وأنا أمتعضُ كمن صادَهُ اكتئابْ، أو كمنْ أكل شيئا وبطنُه انخبطْ، أو شمّ كريها فداخَ وانجلطْ!)
- بو الوليد الدنيا صباحْ، والصباحُ قهوةٌ واصطباحْ، وحديثٌ وقالٌ وبعضُ قيلْ، لا فحْصٌ أو تمحيصٌ أو تحليلْ، جئتُك مشتاقًا أيّها الجارْ، ولو شئتُ التفكيرَ لبقيتُ في الدارْ، ففيها ألفُ ديوانٍ لشُعّارْ، بعضُهم "لا يُشقُّ له غبارْ"! لكنّني مللتُ هذا الاعتبارْ... وجئت أتسلّى بذكرى ما قدْ فاتْ، وأتحلّى بذِكر ما هو آتْ...
- هههههه شو السيرة يا صديقي زهقان الصنعه!
- آه والله يا صديقي، وحياة هالصلعه! صارَ الشعرُ اليومَ ضربًا من هبلْ، لا وزنَ لا لفظَ لا معنى لا جُملْ، لا صورةَ لا انفعالَ لا وحيَ لا أملْ! وكلُّ من هبّ أو دبّ أو زحَفْ، يطلعُ علينا بشعرٍ أحلى من التُّحَفْ! والأجملُ أن تسمعَه يقرأُ المكتوبْ، وتركّزَ في لفظِه وأدائِه الموهوبْ، من حرارةِ الإلقاءِ لا شكَّ تذوبْ!
- ههههه أعانَك اللهُ على ما أنت فيهْ (ثمّ مدّ رأسه وصاح بملء فيهْ: ) القهوه يا إمّ الوليدْ... (ثمّ عاد ليهمسَ في أذني من جديدْ) معَك حقٌّ هاي شباب التشاتْ، والفيسبوك والتويتر والآيفوناتْ، بس محسوبك عبيتي الكمبيوتر ما بفوتْ! سيبك يا زلمه من خراب الِبيوتْ...
(ودخل ليحضرَ القهوةَ والبسكوتْ، فجلتُ بنظري في ساحة الدارْ، التي كانت مراحًا لنا ونحن صغارْ، نلعبُ ساعاتٍ: لعبةَ السبعِ حجارْ، والطابة في الجوره والحلجة والطمِّه، وغمّيضه وزقّيطه ويا ما حلى هاللّمِّه! واليوم الساحات فاضية أو مفقودَه، والطفل في بيته محصور كالدودَه! صديقه الحاسوب وعلاقاته إلكترونيَّه، وأهله مشغولون بهمومهم اليوميّه، فينشأ المجتمعُ مشوّهَ الهويّه، مفكّكًا وموحِشًا كغابةٍ منسيَّه، يغيبُ فيه الحوارُ في أيّةِ قضيَّه، لتحلَّ مكانَه البلطَه والدبسِه والشبريَّه، ويذوبُ الصبرُ فيه والتسامحُ والإيثارْ، فنصبحُ كمن يحمل على ظهره الأسفارْ، وهو في الأصل حمارٌ أعمى وأيُّ حمارْ!)
- (عاد وهو يحمل الصينيّةَ والبسكوتْ، فقطعَ تأمّلاتي وابتسمتُ في سُكوتْ، ليستأنفَ كلامَه الأغلى من الياقوتْ!) الكمبيوتر حبيبي سبب البلا، وضياع الأخلاق وازدياد الغلا، عشنا بدونه يا عمّي كل العمرْ، فكيف يصبحُ هَوسَ هذا العصرْ؟!
- الكمبيوتر والفيسبوك يا روحي ما بنلامو، العتب عالحيطان اللي قدّامو! الحاسوب والإنترنت في الغربِ بنى دولْ، وفي الشرقِ أتخمَ بطونا وأحدثَ خللْ! قبلَ دحشِ التكنولوجيا في عقولنا يا حبيبي، وجبَ دحشُ العقولِ بهالتكنولوجيا الغريبه! إذ، كما قال جبرانْ، وحكمتُه نقشٌ على خدّ الزمانْ: "ويلٌ لمجتمع يأكلُ ولا يزرعْ! ويأخذُ ممّا لم يخزنْ ولمْ يصنعْ!" لبِسْنا التقدّمَ من فوقِ العيوبْ، فلم نرتِقْ، ولكنْ أخفينا الثقوبْ! وسنغرقُ قريبًا فالمركبُ مثقوبْ! (حكّ رأسه كأنّه قد ضاعْ، وقهقهَ هروبا من هذا الصداعْ، ثمّ صبّ القهوةَ في الفنجانْ، وقدّمها لي فشممتُها بافتتانْ، وقلتُ: ) سلمتْ يدا أمّ الوليدْ، رائحتُها تنبئُ بطعمٍ فريدْ... (ونظرتُ إليه بطرف العينْ، ورشفتُ قليلا وسألتُ: أينْ، سرحْتَ بخيالكَ يا رجلْ؟!
- (فأفاقَ، تلعثم واعتدلْ، وابتسَمَ، تنحنحَ واستعلْ، كمنْ ينوي إلقاء خطابْ، ثمّ نظر صوب البابْ، وحين اطمأنّ أن لا أحدْ، نظرَ نحوي، الريقَ ازدردْ، ثمّ قالَ وقولُه همْسْ: ) أتدري منْ رأيتُ أمسْ؟ (نظرتُ إليه باستفسارْ، ومفعولُ القهوةِ في مخّيَ دارْ، فتابع يتلفّتُ هنا وهناكْ: ) غزالا يا صديقي، أو قُلْ ملاكْ! أشعلتْ قلبي وأعادتْ لي الحياه، بعد سُباتٍ طويلٍ هذا مداه! فكتبتُ فيها أحلى الكلامْ...
(قلتُ في نفسي: سلّم يا سلامْ! كنا بمتشاعرٍ في الوهمِ غارقْ، والآن شويعرٌ غَرٌّ مُراهقْ... وارتشفتُ القهوةَ بصوتٍ صائتْ، تأفّفًا أو توجّعًا من دهرٍ شامتْ، مرّةً يبتليني بوحدةٍ واكتئابْ، وأخرى بهُبُلٍ تفقدُني الصوابْ... رمقتُه بالعينِ وإذْ بيدِه تندسّْ، في جيبِه فيفحصُ ويقلّبُ ويعسّْ، حتى يهتديَ إلى الهويّه، وفيها أخفى المخطوطةَ الأثريّه! ثمّ ينظرُ يمينًا ويسارْ، ويفتحُ الورقةَ بتردّد واحتذارْ، ويتنحنحُ مجدّدًا كأنه عبدُ الناصرْ، ثمّ يقفُ ويعتدلُ كأفضل شاعرْ، ويمسكُ الورقةَ بيسراه لتتحرّرَ اليمينْ، وتعبّرَ عن انفعاله بصدقٍ أمينْ! وينشدُ ماطًّا بوزَه كهولاكو: )
"حبيبتي وردةٌ والدنيا أشواكُ/ وأنا بلاها شيطانٌ معاها ملاكُ" (بالكاد ازدردتُ رشفةَ القهوَه، وعيوني تُفنجرُ فيظنُّها نشوَه! فينفعلُ ويتابعُ بعزمٍ وقوَّه: "وحين أراها تمتدّ بيننا أسلاكُ" (وهنا تشردقتُ بالقهوةِ فبصقتْ، ولا أدري قححتُ أم عسى قهقهتْ، ورذاذُ القهوةِ ملأَ كلَّ مكانْ: ورقَتَه وقميصي وقميصَهُ كمانْ، فربّتَ على ظهري خوفَ أن أُخنَقْ، وقال: سلامتُك صديقي، ما خلتُك تتشردقْ، من سحرِ الصورِ وصِدقِ الانفعالْ! انتظرْني قليلا سأعودُ في الحالْ (وذهبَ ليحضرَ خِرقةً عليها ماءْ، وأنا غارقٌ في الضحكِ دونَ ارتواءْ، مسحتُ القميصَ وأوصالي ترقصُ من الطربْ، وقد يأتي الرقصُ عن جدَبٍ أو جرَبْ! فشرّ البليّة يا عزيزي ما يضحِكْ، وأبلغُ الضحكِ أن تضحكَ في جُرحِكْ. أنساني هذا الجارُ الساذجُ السمينْ، عزلتي في خلوتي مع فكريَ اللعينْ، وضخّ في رئتيّ هواءً ضاعَ من زمانْ، جزاه الله خيرًا على هذا الإحسانْ! كلّ هذا الإبداعِ ولا فيسبكّْ؟ ولا انخداعٍ بلايكٍ أو لُكْ! فكيف لو تعلّمَ هذي الصنعَه؟ والتقى كلَّ يومٍ بآخرِ صرعَه، على صفحات الفسبوكّ اللعينْ؟! سيصبح في ثانية راسبوتينْ، أو يرى أنّه مِن فوقِ لامارتينْ! على كلِّ حالٍ ومع اغريراق أنفي وعيني، نفضَ من قهوتي ورقتَه وقال: يا عَيني! لاحظتَ وحياتِك ذلك التصويرْ! أما جذبكَ بخفّةٍ ذلك التعبيرْ؟! أنا لستُ كشعراءِ اليوم هجناءَ أو نسانيسْ، يُغيرونَ على درويشٍ ويسرقون أدونيسْ، صوَري طازةٌ بِكرٌ بلا تقليدْ، وشعرُ غيري مُنتِنٌ كأنّه الصّديدْ...
- هههه أضحكْتني فعلا أيا رجلْ! هي صورةٌ جديدةٌ طبعًا، بَلى، أجلْ... ولكنِ اشرحْها بربِّكَ فقدْ فاقتْ ذكائي، في عمقِها ضعتُ فعجّلْ وانتشلْ غبائي:
- ولو يا جار عاد بعرفك موهوبْ، والصورةُ واضحةٌ كالشمسِ في الغروبْ... (وصبَّ القهوةَ من جديدٍ صَرْفةً في الكاسْ!) اشربْ وصحصحْ كي تركّز ويِنعدلْ هالراسْ! اسمعْ وأنصتْ ما جرى لي حينما لمحتْني، كأنّ عينَها كهرباءٌ وبها كهربتْني! (وابتسمَ وهو واثقٌ بأنّه السيّابْ) هذا انجذابٌ صاحبي والسلْكُ انجذابْ، فكهرباءُ الحبِّ مسّتْ بي الفؤادَ فذابْ!
- (صفّقتُ طربًا بل جنونًا وقلتُ في دهاءْ) برافو يا جاري! أنت شاعر ليسَ بذا مراءْ! "امتدّت الأسلاكُ" حقا تعبير ممتازْ! فكأنّك عمودُ نورٍ وحبيبتك تلفازْ!
- (فاعرضّت بسمتُه ورفعَ الحواجبْ، واستندَ إلى الخلف وفتلَ الشواربْ، وقال بكلّ ثقة وافتخارْ: حقًّا يا صديقي الجارُ للجارْ... دعْني أكملِ النصَّ قبلَ أخذِ القرارْ!- انتفضتُ من جديدٍ كأنّني ملسوعْ: أبو الوليد، دعْنا من ذا! غيّرِ الموضوعْ... دعني أحتسِ القهوةَ بهدوءٍ وأمانْ، واسترْ على ما مضى واستهدِ بالرّحمنْ!
- هو آخرُ بيتٍ... والخصبُ فيه أغزرْ! (وأسرعَ قبل اعتراضي، وليتهُ تأخّرْ!): حبُّكِ عودُ كبريتٍ وقلبي توباكو!
- الله أكبر! الله أكبر عليك يا خالي، أمان أمان يا لالالي حلالي يا مالي... (زغردتُ محمومًا ورقصتُ من شدّةِ شقوتي، ثمّ بلا وعي فقعتُ في وجهِه قهوتي، وأنا أقلّدُ شِعره من فرطِ حسرتي: ) "حبُّكِ كِبريتٌ وقلبه مثلُ توباكو! طب فارحميه ولملمي سْلاكك على سلاكو! هاهاهاها" (وجاري ينظر إليّ نظرةَ استغرابْ، وأنا أحلجُ في الساحةِ حِلجةَ الغرابْ، وأصيح قبل أن أطرقَ خلفيَ ذاكَ البابْ: جئتُك يا عبدَ المعينِ عسى عسى أرتاحْ، أتاري تركنا عزريين إلى قبّاض رواحْ...)
- (وخرجتُ وصوتُ الجارِ يشرشرُ مثلما مزرابْ:) لا حولَ إلا بالإلهِ الواحدِ الوهّابْ! جُنّ صديقي من كلامٍ مدهشٍ وصوَرْ، والعِلمُ مَسٌّ في العقولِ وكثرُه ضررْ!
وصلتُ الدارَ والمفتاح أدرته في بابي، وقلتُ: عزلتي صلاتي وغُرفتي مِحرابي، فالناس مسٌّ من جنونٍ صابها في المقتلْ! والهبلُ صار له تفسيرٌ والحكيمُ أهبلْ! فَيضٌ من الشعراءِ والبلغاءِ يغزو الشارعْ، ويفيضُ من شاشات بيتِك والحاسوبِ فسارعْ، واخترْ مصيرك بين هذا الحشدِ والمخلوطَه، أو فارتحل واتبع خطى بولّو وابن بطوطه. من يومِها أنا عاشقٌ لوحدتي واعتزالي، أسهو بدنيا تصوّفي كأنني الغزالي. الاختلاطُ مضرّةٌ ومهانةٌ ومُصيبَه، من عاشر الناسَ عليه أن يدفعَ الضريبَه... من عاش معزولا وإن فقدَ الهنا فمُصانْ، أمّا المخالِطُ ربّما باعَ الأسى بهوانْ...
د. جريس نعيم خوري:
شاعر، ناقد وباحث فلسطيني، مواليد قرية طرعان- الجليل، سنة 1972. دكتوراة في الأدب العربي، يحاضر في مجال الأدب واللغة العربيين في جامعة تل أبيب والكلية العربية للتربية في حيفا.
حصل على لقب "المحاضر المتفوّق" على مستوى المحاضرين الكبار في جامعة تل أبيب، وهي شهادة يحصل عليها كلّ سنة أفضل عشرين محاضرا في الجامعة على مستوى جميع الكليّات. وقد أقيم لهذه المناسبة احتفال مهيب (18.12.2013)